بقلم المهندس/ طارق بدراوى
القوصية وكانت تسمى قيس في الماضي هي مدينة ومركز في محافظة أسيوط وهي مدينة ضاربة في التاريخ القديم وكانت هي الحدود الشمالية للدولة المصرية وبمثابة الدرع الحصين للحدود الشمالية لمملكة الجنوب ولذلك فهي تعتبر من أعرق المدن المصرية فهي كانت عاصمة الإقليم 14 من أقاليم مصر الوسطى وفي أثناء فترة إحتلال الهكسوس لمصر تصدى لهم أمراء القوصية وأوقفوا زحفهم وبذلك حموا المملكة المصرية من الإنهيار وتحالفوا مع أمراء طيبة لحرب الهكسوس وكان لهم الدور الأكبر في هزيمة الهكسوس فكانت أول معركة ضد الهكسوس في القوصية وتوجد لوحة تخلد إنتصارهم على الهكسوس بمنطقة البربة والتي تعنى المعبد بمنطقة زرابي القوصية والتي تمثل المدينة القديمة التي أنشئت عليها القوصية الحالية والتي لم يتبق منها إلا تلك المنطقة وتوجد أيضا آثار فرعونية في قرية مير الواقعة في غرب القوصية كما توجد مقابر حكام القوصية بمنطقة الجبل الغربي وإكتشف منها 14 مقبرة فرعونية معظمها من الدولة القديمة ذات قيمة أثرية كبيرة ولكنها تحتاج إلى جهد كبير لإكتشاف باقي المقابر التي يمتلئ بها المكان وعدد مماثل بالجبل الشرقي بقرية قصير العمارنة وتحتاج هذه الآثار مزيد من الإهتمام حيث تعاني من إهمال شديد وذلك إلي جانب دير المحرق وهو من أشهر الأديرة لدى الأقباط ودير القصير المطل على نهر النيل مباشرة …..
فوج سياحي في زيارة لآثار مدينة القوصية
وتقع مدينة القوصية في شمال محافظة أسيوط ويحدها من الشمال مدينة ديروط ومن الجنوب مدينة منفلوط ومن الشرق نهر النيل والصحراء الشرقية التابعة لمحافظه البحر الأحمر ومن الغرب الصحراء الغربية التابعة لمحافظة الوادي الجديد وهي محاطة بجبال من الشرق وجبال من الغرب مما يجعل مناخها بارد في الشتاء ويمر من خلالها ترعة الإبراهيمية مما يساعد علي ري الأراضي الزراعية بها بطريقة منتظمة وأغلب قرى مركز القوصية تقع غرب النيل وغرب ترعه الابراهيمية وتتميز القوصية بإرتفاع أسعار الأراضي سواء الزراعية أو المباني وأراضيها هي الأغلي سعرا بعد أسيوط عاصمة المحافظة مباشرة وسكان مدينة القوصيه يعتمدون على الزراعة والتجارة وقد سافر الكثير منهم إلى دول الخليج لكسب الرزق وما يزال بعض أبناء المدينة يحافظون على عاداتهم وتقاليدهم ويوجد بالمدينة جذور لقبائل عربية هاجرت من شبه الجزيرة العربية وإستقرت بالمنطقة وأيضا توجد قبائل ذات أصول ليبية ومن أشهر أبناء القوصية الدكتور نبيل العربي وزير الخارجية الأسبق وأمين عام جامعة الدول العر بية السابق وهو ينتمي لقرية عرب الجهمة التابعة لها والدكتورة حكمت أبو زيد وزيرة الشئون الإجتماعية في ستينيات القرن العشرين الماضي وأول وزيرة مصرية …..
واجهة مدخل دير المحرق
ومركز القوصية يضم 4 وحدات محلية هي بني قرة ومير وفزارة والمنشاة الكبرى وتضم هذه الوحدات المحلية عدة قرى منها الصبحة وبني هلال وبني صالح وبني إدريس والنزالي والقصير والأنصاروعرب الجهمة والمنشية الكبرى والمنشية الصغرى والسراقنا وعنك والحبالصة ومير والتتالية والحرادنة والسرادنة وبني يحيي وبني زيد وبوق والتمساحية وبلوط وأبوخليل بالإضافة إلى العديد من العزب مثل عزبة الشيخ حمد وعزبة خشبة بالإضافة إلى العديد من النجوع والكفور المتعددة والمنتشرة في أنحاء مركز القوصية ومن أكبر الشوارع بها شارع الجلاء وشارع الري وشارع المركز وبها بعض الأماكن التجارية ولكنها تفتقر إلى المناطق الصناعية وإن كان يوجد بها مصنع سافو بقرية بني قرة وذلك على الرغم من موقعها المتميز …..
آثار منطقة البربا بالقوصية
ويقول الباحثون إن المدينة القديمة التي بنيت فوقها القوصية كانت مكرسة لعبادة آلهة أسموها أفروديت وهذا يعني بالتأكيد حتحور آلهة الحب المصرية والتي كان يرمز إليها بالبقرة ويؤكد ذلك الألقاب التي كان يحملها حكام وموظفو الإقليم ومنهم خو إن أوخ بقصير العمارنة شرق مدينة القوصية علي الضفة الشرقية من النيل حيث يدعو نفسه رئيس بقرات ثنت وهي البقرات المقدسة لحتحور وقد أطلقت المصادر المصرية علي هذا الإقليم وهو الإقليم الرابع عشر من أقاليم مصر العليا إسم نجفت بحتت وعاصمتها قيس ومنها جاء إسم المدينة الحالي وفي اليونانية كان إسمها كوساي وكانت تنطق بالقبطية قوص قام ومنذ عام 1230هجرية أصبحت تنطق بإسمها الحالي القوصية وظهر شعار الإقليم لأول مرة في عصر الأسرة الرابعة مابين عام 2680 ق.م وعام 2650 ق.م ضمن ما ورد من أقاليم وضياع علي جدران معبد الملك سنفرو مؤسس الأسرة الرابعة وذكر إسم القوصية قديما علي العديد من القطع الأثرية والبرديات وفي مختلف العصور التاريخية بداية من الدولة القديمة وحتى عصر الدولة الحديثة كما ظهر إسم القوصية بمختلف اللغات القديمة ومنها اللغة المصرية القديمة بمختلف كتاباتها الهيروغليفية والهيراطيقية الديموطيقية واليونانية واللاتينية والقبطية وجاء الرمز المعبر عن إسم القوصية قديما وهو عبارة عن رجل يمسك بكلتي يديه برقبتي حيوانين خرافيين يشبهان تلك الحيوانات التي صورت علي صلاية نارمر الموجودة الآن بالمتحف المصري وهذان الحيوانان ليسا زرافتين كما كان شائعا وإنما هما حيوانان خرافيان يمثلان فهدين برقاب طويلة ……
لوحة فرعونية تم العثور عليها في آثار منطقة القوصية
أما دير المحرق والذى زاره السيد المسيح عيسى بن مريم عليه السلام وأقام به ستة أشهر وعشرة أيام فهو يقع فى سفح جبل معروف بإسم جبل قوص قام على إسم مدينة قوص قام التى خربت منذ زمن بعيد وهذا الإسم هو أحد أسماء مدينة القوصية قديما وإشتهر بهذا الإسم وأيضا بدير جبل قوص قام وترجع شهرته بدير المحرق إلى أن الدير كان متاخما لمنطقة تجميع الحشائش والنباتات الضارة وحرقها ولذلك دعيت بالمنطقة المحروقة أو المحترقة ومع مرور الوقت إستقر إسم دير المحرق كما أنه أشتهر بدير جبل قوص قام لوجوده في سفح الجبل المعروف بهذا الإسم ويبعد دير المحرق حوالى 12 كيلومتر غرب بلدة القوصية وعلى بعد حوالي 327 كم جنوب القاهرة و48 كم شمال مدينة أسيوط ويقع الديرعلى حافة الصحراء حيث ترى الصحراء فى الغرب على إمتداد البصر وكان الرهبان كثيرا ما يتوغلوا فى الصحراء فيما يعرف بالتوحد فى داخل الصحراء حسب الإصطلاح القبطى الرهبانى أما شمال الدير وشرقه فتوجد الحقول الخضراء التى تريح النظر وتبهج النفس ودير المحرق من أشهر الأديرة القبطية فى مصر وله سمعة تاريخية وعالمية وإشتهر رهبانه منذ القدم بالتقوى والعلم حيث إمتد أثرهم الكرازى والعلمى حتى جنوب أوروبا ووسطها وشمالها ووصل إلى أيرلندا وهو من أهم وأقدس المزارات المسيحية فى أرض مصر وذكر الدير كل المؤرخين قديما وحديثا ومنهم أبو المكارم في القرن الثاني عشر الميلادى والمقريزى في القرن الخامس عشر الميلادى وعمر طوسون في القرن التاسع عشر الميلادى وهذا الدير عامر بالرهبان وتخرج منه العديد من الأساقفة والبطاركة وتوجد داخل الدير كنيسة أثرية تعد أقدم الآثار فى دير المحرق فهيكلها هو ذات المغارة التى أقامت فيها العائلة المقدسة ومذبحها هو نفس الحجر الذى كان بالمغارة والذى جلس عليه السيد المسيح عليه السلام وصحن الكنيسة تم ترميمه فى القرن التاسع عشر الميلادى وتلك الكنيسة الأثرية لها عدة خصائص مميزة لها منها أن القداسات فيها لا تتوقف طول العام ماعدا أيام الإثنين والثلاثاء والأربعاء فى أسبوع البصخة من كل عام وتصلى فيها القداسات باللغة القبطية حتى اليوم ومن قديسي هذا الدير القديس الأنبا أبرام الأول أسقف الفيوم والجيزة وقد إختير من هذا الدير أربعة من البطاركة وعدد كبير من المطارنة والأساقفة المعروفين وبالدير مكتبة كبيرة تضم عدد 708 مخطوط أثرى نادرغير بضعة آلاف من الكتب المطبوعة وتختلف موضوعات هذه الكتب فمنها الكتاب المقدس وأجزائه المختلفة واللاهوت والتاريخ والطقوس الكنسية وغيرذلك ….